للتحيز على أساس الجنس تأثير سلبي على المؤسسة

نظرًا لكون العالم أصبح أكثر وعياً وحساسية للمحتوى الذي يميز الفرد على أساس النوع والقوالب والصور النمطية الجندرية وأكثر حساسية له، فإن المؤسسات الإعلامية تخاطر بفقدان جمهورها عند السماح لتلك المحتوى بالنشر. وقد أحدثت حركة #MeToo طفرة ملحوظة في الوعي حول المساواة بين الجنسين على نطاق عالمي ، وأظهرت للنساء والرجال معاً إمكانية مساءلة الأشخاص والمؤسسات التي تعزز عدم العدالة وتشجع إساءة المعاملة. لم يعد الجمهور صامتًا عند شعوره بأن مؤسسة إعلامية ما تنشر محتوى جنسى أو متحيزًا ضد النساء، إذ سمحت منصات التواصل الاجتماعي للجميع بالتعبير عن مخاوفه وغضبه بشكل علني. إذ شهدت الفترة الأخيرة العديد من الأصوات التى طالبت بمقاطعة برامج محددة أو محاكمة بعض العاملين فى الإعلام وتسريحهم من المؤسسة بعد نشرهم لوجهات نظر تدعم التنميط وترسخ النماذج التقليدية وتقلل من شأن المرأة ودورها فى المجتمع.

ففى استطلاع الرأي الذي أجراه برنامج "النساء في الأخبار" عام 2017 في 9 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جاءت نسبة "التحرّش اللفظي" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 59%، والتحرّش الجسدي بلغت نسبته 17%، والإعتداء الجنسي بلغت نسبته 3%. مما لذلك العديد من الآثار السلبية على المؤسسة الإعلامية ، ومن أهمها: ضعف جودة المحتوى الصحفي، وانخفاض إنتاجية العاملين، تدهور مستوى العمل الجماعي، ارتفاع معدل تبديل الموظفين، انخفاض جودة أداء العاملين بالوظائف الإدارية لانشغالهم بحل مشاكل مضايقات الزملاء لزميلاتهن، فضلاً عن فقدان نسبة كبيرة من القرّاء المشتركين في الصحيفة أو الموقع الإلكتروني. وقد أظهرت العديد من الدراسات ازدياد التحرش الجنسي داخل المؤسسات الصحفية لأسباب لها علاقة بالقوانين المتعلقة بالعمل، ففى مصر لا يتمتع الصحفيون/ات في مرحلة التدريب (قبل التعيين الرسمي) بأي حماية نقابية، وقدمت فى الآونة الأخيرة شكاوى من إعلاميات وصحفيات إثر تعرضهن للتحرّش الجنسي سواء داخل غرف الأخبار، أو من قبل زملائهن ورؤسائهن في العمل مما اضطر الكثيرات للتخلي عن طموحن في المجال الإعلامي ولعل ذلك يوضح أهمية تبنى المؤسسة مدونة سلوك لتعريف التحرش وفرض عقوبات متدرجة من خلال لجنة مستقلة، كما أن حماية الشهود بالقانون وضبط علاقات العمل من خلال تكافؤ الفرص والتمكين بين الصحفيين والصحفيات يمثل ضمانة حقيقية لخفض معدلات التحرش كخطوة أولية للقضاء عليه داخل المؤسسات الصحفية.

Close Bitnami banner